مرحبا بكم في موقع مكتبة الكويت ( المكتبة هي معبد المعرفة ومنارة الفكر بين رفوعها تتقاطع الافكار وتتلاقي العصور ) الحجز والاقتراحات واتساب 50300046 الشحن الي جميع المناطق ...
مذكرات صحفى استقصائى متوفر
التصنيف : مذكرات وسيرة
دار النشر : الدار العربية للعلوم ناشرون
سيمور هيرش
عشت العصر الذهبي للصحافة، وقت لم يكن مراسلو الصحف اليومية يتنافسون مع دورة الأخبار المتواصلة على مدى أربع وعشرين ساعة، وقت لم تكن الصحف متخمة بأموال الإعلانات، التي تنشرها، وقت كان بمقدوري أن أسافر إلى حيث أشاء وقت أشاء ولأي سبب، وأنا احمل بطاقة ائتمان باسم الصحيفة التي اعمل فيها. كان هناك وقت كاف لإرسال الأخبار الطازجة دون الرجوع المتكرر والدائم لمعرفة ما استجدّ على الموقع الإلكتروني للصحيفة.
لم يكن هناك وجود لدعوة «خبراء» ليقابلوا صحفيين في ندوات متلفزة حية على الهواء. تبدأ كلّ ندوة تقريبا بالجواب عن أيّ سؤال بعبارة قاتلة من كلمتين في عالم الإعلام، «أنا أعتقد...» لقد غرقنا بالأخبار الكاذبة والمعلومات الناقصة المُختلقة والتأكيدات الواهية، التي تقدّم بشكل مستمر عن طريق الصحف اليومية وبرامج التلفزيون ووكالات الأنباء على شبكة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي ورئيس الولايات المتحدة، نفسه.
نعم، الأمر فوضى! لا وجود لحلّ سهل ولا يلوح في الأفق مخلّص ينقذ الإعلام الجادّ. ستستمر الصحف الكبرى والمجلات ومحطات التلفزيون بتسريح مراسليها وتقليص هيئات العاملين فيها وتخفيض الميزانية المقررة لإرسال التقارير الجيدة، خاصة التحقيقات الصحفية التي غالبا ما تكون عالية الكلفة وذات نتائج غير متوقعة ولها القدرة على إغضاب بعض القراء، وقد تتسبب في إقامة الدعاوى بقصد التعويض المالي. تميل صحف اليوم إلى الإسراع في نشر القصص التي لا تزيد أساسا عن كونها معلومة سرية أو إشارة إلى شيء ضار أو وقوع جريمة. وبسبب ضيق الوقت والمال وافتقار الجهاز المهني، فإننا محاصرون بالإشاعات والأقاويل والقصص التي لا يكون فيها المراسل أكثر من ببغاء تردد ما تسمع. كنت اعتقد دائما أنّ مهمة الصحيفة هي أن تبحث عن الحقائق، وليس فقط نشر التقارير عن الخلافات. هل تمّ اقتراف جرائم حرب بحق اليمنيين؟ تعتمد الصحف هذه الأيام على تقرير للأمم المتحدة تمت مناقشته على مدى شهور. هل بذل الإعلام أيّة جهود جديّة لشرح لماذا لا يؤخذ تقرير الأمم المتحدة على محمل الجّدّ من قبل العديدين حول العالم؟ هل توجد تقارير تنتقد الأمم المتحدة؟ هل بإمكاني أن أسأل عن الحرب في اليمن؟ ولماذا رفع دونلد ترامپ اسم السودان من قائمة البلدان التي يُمنع السفر إليها؟ هل سبب ذلك لأنّ القيادة في الخرطوم دفعت ببعض قواتها للمشاركة في قتال معارك اليمن؟