مرحبا بكم في موقع مكتبة الكويت ( المكتبة هي معبد المعرفة ومنارة الفكر بين رفوعها تتقاطع الافكار وتتلاقي العصور ) الحجز والاقتراحات واتساب 50300046 الشحن الي جميع المناطق ...
من أفانين الأدب متوفر
التصنيف : لغة عربية ولغات
دار النشر : المرقاة
محمد حسَّان الطيَّان
من أفانين الأدب
بقلم الدكتور محمد حسان الطيان
الحمد لله الرحمن .. علم القرآن .. خلق الإنسان .. علمه البيان..والصلاة والسلام الأتمان الأكرمان على سيد ولد عدنان وآله وصحبه ومن تبعه بإحسان.
وبعد فإن أصول هذا الكتاب محاضرة شرفني بالدعوة إليها منتدى الأدب الإسلامي في المسجد الكبير بدولة الكويت وشاركني فيها الأخ الصديق الداعية د. محمد العوضي وكانت بعنوان \" من لطائف الأدب \" وقد حضرها جمع غفير من أهل البيان والأدب والتربية والتعليم والشعر والفن وكان لتعليقات السادة الحاضرين أثر كبير في نفسي ولا زلت أذكر أن أول المعلقين كان الأستاذة الدكتورة سهام فريح عميدة كلية الأدب بجامعة الكويت سابقاً ــ وكان مما قالته: هكذا فلنعلِّم العربية من خلال نصوصها الجميلة وبيانها المبدع الخلاق، فقد مضى علينا دهر طويل ونحن لانكاد نعلمها إلا من خلال نحوها الجاف وصرفها الصعب, ومن خلال أحاديث منفِّرة عن الجاحظ ودمامته وجحوظ عينيه, وعن الحريري وغرابة ألفاظه وحوشي كلامه، وعن الشعر الصعب المرتقى واللغة الوعرة المسالك ومصطلحات النحو المعقدة, فأين نحن من هذه اللطائف التي تحبب اللغة إلى نفوس الناشئة وترغبهم فيها فتهفو نفوسهم إلى الاستزادة من معينها،وإلى حفظ نصوصها, والتغني بأشعارها, وترديد أمثالها, وملء الأفواه بخطبها؟!أين نحن من الشعر العذب السهل الذي تألفة النفس وتعشقة العين والروح ويحفظه العقل والقلب معاً ؟؟ أين نحن مما كان يفعل أجدادنا من تربية الولد على سماع نصوص الفصاحة والبيان وحفظها ومحاكاتها؟؟ أين نحن من إصلاح عملية التعليم وإعادة النظر فيما نعلمه لأبنائنا في حصص اللغة العربية .
لقد أثرت هذه الكلمات في نفسي, وتجاوبت مع أصداء قديمة نشأت عليها وعرفت العربية من خلالها, كما لامست اقتراحاًً كنت تقدمت به إلى مجمع اللغة العربية بدمشق عن طرائق اكتساب اللغة ذهبت فيه إلى أن اللغة إنما تكتسب بنصوصها البليغة وشعرها الساحر وخطبها البيّنة ومزاولتها اليومية أكثر مما تكتسب بنحوها وصرفها, وبينت خطة لهذه الطرائق تتلخص بما يأتي :
1ــ تنشئة الطفل على سماع الكلام الفصيح
2ــ قراءة النصوص الفصيحة وحفظها
3ــ تعلم النحو والبلاغة
4ــ تعلم مبادئ علم التجويد وتطبيقها
5ــ مزاولة الفصاحة قراءة وكتابةً وكلاماً
6ــ توجيه وسائل الإعلام نحو العناية باللغة وأثرها الكبير في ذلك.
والحق أن كثيرا من المهتمين بالعربية الغيورين عليها قد نادوا بمثل هذا, فمن ذلك قول الأستاذ إبراهيم مصطفى عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة:
\" إن أفضل طريقة لتعليم اللغة وأيسرها وأقربها إلى مسايرة الطبيعة هي أن نستمع إليها فنطيل الاستماع، ونحاول التحدث بها فنكثر المحاولة, ونكل إلى موهبة المحاكاة أن تؤدي عملها في تطويع اللغة وتملكها وتيسير التصرف بها، وتلك سنة الحياة في اكتساب الأطفال لغاتهم من غير معاناة ولا إكراه ولامشقة فلو استطعنا أن نصنع هذه البيئة التي تنطلق فيها الألسنة بلغة فصيحة صحيحة، نستمعها فتنطبع في نفوسنا، ونحاكيها فتجري بها ألسنتنا, إذاً لملكنا اللغة من أيسر طرقها، ولمُهِّد لنا كلُّ صعب في طريقها \".
ثم إني دعيت لإلقاء محاضرة في رابطة الأدباء بالكويت حملت عنوان \"من أفانين الشعر\" ولقيت من إقبال الجمهور وتعليق النقاد وتشجيع الباحثين ما دفعني إلى الزيادة فيها وإعادة إلقائها في غير ما حفل من محافل العلم والأدب في الكويت والشام وبيروت وطرابلس.
وها أنا ذا أبدأ في هذا الكتاب بتقديم طائفة صالحة متخيرة من أفانين الأدب العربي, جمعت فيها بالإضافة إلى المحاضرتين السالفتين كثيرا مما كنت أتخيّره في أثناء مطالعاتي وكتابة بحوثي ومجالساتي لأهل العلم والأدب,من جميل الشعر ,وبديع النثر,وطريف القول, وسائر المثل,وما شاكل هذا مما تطرب له النفوس, وتهفو إليه الأفئدة,وتسمو به الأرواح.
وقد رتبتها وفاقا لموضوعاتها, وحرصت ما استطعت على الإشارة إلى المصادر التي نقلت عنها, أو الرجال الذين سمعت منهم, راجيا أن أكون في ذلك من عداد { الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه }آخذا بنصيحة يحيى بن خالد لبنيه حيث يقول:
(اكتبوا أحسن ما تسمعون، واحفظوا أحسن ما تكتبون، وحدثوا بأحسن ما تحفظون، وخذوا من كل شيءٍ طرفاً فإنه من جهل شيئاً عاداه).
و لعلها تكون حلقة في سلسلة متكاملة ينهض بإصدارها منتدى الأدب الإسلامي التابع لمركز الوسطية بوزارة الأوقاف بدولة الكويت إيماناً منه بأهميته العربية وأهمية تعلمها وإتقانها ومحبتها في زمن تكالبت فيه أيدي أعدائها عليها, يحاولون النيل منها من كل جانب, ويسخِّرون لذلك كل ما أوتو من أساليب االترهيب والترغيب والإغراء والتهديد والخديعة والمكر غافلين عن أن الله سبحانه حين اصطفاها من بين اللغات لغةً لكتابه العزيز تكفّل بحفظها وحمايتها { إنّا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون }ومن ثم كان الناصرون لها الذائدون عنها الحاملون رايتها متمسكين بحبل متين ورافعين لراية منصورة, فليهنأ كل من شرفه الله بحمل هذه الراية.
لغةٌ إذا وقعَتْ على أسماعِنا كانَتْ لنا برداً على الأكبادِ
ستظلُ رابطــــةً تؤلّـــِفُ بينَـنا فهيَ الرجاءُ لناطقٍ بالضادِ