مرحبا بكم في موقع مكتبة الكويت ( المكتبة هي معبد المعرفة ومنارة الفكر بين رفوعها تتقاطع الافكار وتتلاقي العصور ) الحجز والاقتراحات واتساب 50300046 الشحن الي جميع المناطق ...
لنص والتأويل في الخطاب الأصولي آليات القراءة وسلطة التناص متوفر
التصنيف : اسلاميات
دار النشر : رؤية
بثينة الجلاصى
الأمر ليس حكراً على المحدثين ولا على المناهج المعاصرة والمقاربات المستجدة، وإنما هي قضية لازمت كل الثقافات ابتداء من الثقافة اليونانية وانتهاء بالثقافة الغربية.
ولما كانت الثقافة العربية الإسلامية ثقافة "نص" بالأساس، ونعني أن مدار الاهتمام فيها، إنما هو النص القرآني، ومدار نشأة العلوم وتأصيلها إنما هو هذا النص التأسيسي ببعده العقدي والمعجز بفنون اللغة وضروب الدلالة فيها، كان لزاماً على كل المنشغلين بهذا النص أن يخوضو في إشكاليات تتردد في مصنفاتهم على اختلاف مشاربها وتنوع اختصاصها
مسألة النص في النهاية ليست إلا إعادة تحويل دائمة لنصوص سابقة، وتوزيعها بذات متجددة يحكمها المقام والسياق، وتحدّدها أهداف الكتابة.
وانطلاقاً من ذلك يكون النص الأصولي نصّا مسكوناً بأصوات مختلفة منها صوت المفسر وصوت النحوي، وصوت البلاغي، وصوت الشاعر، وهي أصوات لا تدلّ على الحواريّة بين النصوص المختلفة فحسب، بدل تدل كذلك على حاجة النصوص إلى بعضها وعلى ترحّل المعنى فيها، سيما أن مؤلف النص الأصولي يتميز بكفاءة الجمع بين حقول معرفية مختلفة ومتداخلة، بل إن من شروط الأصولي أن يكون متبحّرا في علوم متنوعة حتى تكون الثقة فيما يكتب، ويكون فهمه وتأويله للنص القرآني مأمونا من الزلل.
لقد وعي الشافعي بخطورة اللغة في التحكّم بالمعنى وتوجيهه على نحو معين كما وعى بصعوبة محاصرة المعنى المنفلت من قبضة القارئ / المجتهد، وأصل الانفلات ومداره إنما يرجعان إلى طبيعة النص ذاته باعتباره نصاً مقدساً ومتعالياً لا يحضر منشئه إلا في الخطاب، ولكن هذا الخطاب يصرح في مواضع ويلمح في أخرى ويبوح في سياقات ويصمت في سياقات أخرى، ولمثل هذا السبب ألح الأصوليون على مفهوم البيان في مصنفاتهم، وأكدوا أهمية السنة أصلاً للتشريع باعتبارها المبينة عن معاني النصّ ومقاصده.