مرحبا بكم في موقع مكتبة الكويت ( المكتبة هي معبد المعرفة ومنارة الفكر بين رفوعها تتقاطع الافكار وتتلاقي العصور ) الحجز والاقتراحات واتساب 50300046 الشحن الي جميع المناطق ...
لا تغضب ولك الجنة متوفر
التصنيف : اسلاميات
دار النشر : الناشر الذهبى - مصر
خالد هشام عرفة
وهو ما كان لله تعالى عندما تنتهك محارمه، وما كان دفاعًا عن نفسٍ، أو عرضٍ، أو مالٍ، أو دينٍ، أو حقوق عامة، أو نصرة مظلوم، وكذلك الغضب لما يحدث للمسلمين من سفك للدماء، وانتهاك للأعراض، واستباحة للأموال، وتدمير للبلدان بلا حق.
فالغضب إذن أوجده الله في الإنسان؛ ليقع في مكانه، ويكون التصرف بعده وفق ما يقتضيه العقل، وجاء به الشرع، وهذا النوع ثمرة من ثمرات الإيمان؛ إذ إن الذي لا يغضب في هذا المحل ضعيف الإيمان، قال تعالى: ﴿ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 150].
وكان غضب النبي صلى الله عليه وسلم لله عز وجل، إذا انتهكت محارمه، فعن أم المومنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما خُيِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما؛ ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه؛ إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها))[1].
فقد غضب صلى الله عليه وسلم لما أخبروه عن الإمام الذي يطول الصلاة، فعن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رجل: يا رسول الله، لا أكاد أدرك الصلاة مما يطول بنا فلان، فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في موعظة أشد غضبًا من يومئذٍ فقال: ((أيها الناس إنكم منفرون، فمَنْ صلَّى بالناس فليُخفِّف؛ فإن فيهم المريض والضعيف وذا الحاجة))[2].
وغضب لما كلمه أسامة في شأن المخزومية التي سرقت، فعن أم المومنين عائشة رضي الله عنها أن قريشًا أهمَّهم شأن المرأة التي سرقت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلمه فيها أسامة بن زيد، فتلوَّن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أتشفع في حَدٍّ من حدود الله))، فقال له أسامة: أستغفر لي يا رسول الله، فلما كان العشي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاختطب، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: ((أما بعد، فإنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وإني والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها))، ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها[3].