مرحبا بكم في موقع مكتبة الكويت ( المكتبة هي معبد المعرفة ومنارة الفكر بين رفوعها تتقاطع الافكار وتتلاقي العصور ) الحجز والاقتراحات واتساب 50300046 الشحن الي جميع المناطق ...
دعوة للفلسفة كتاب مفقود لأرسطو متوفر
التصنيف : فلسفة
دار النشر : التنوير
ارسطو
هذا كتاب مفقود لأرسطو! ضاع مع ما ضاع من المحاورات التي كتبها في شبابه، ولم يبقَ منها غير أسمائها وبعض الشذرات المتفرقة. صحيح أن بعض المؤلفين القدامى قد عرفوا عنوانه الأصلي “بروتريبتيقوس”، وأن عدداً منهم وضع كتباً أخرى تحمل نفس العنوان الذي يفيد الحث على التفلسف وبيان ضرورته للحياة السعيدة. وصحيح أيضاً أنهم اقتبسوا منه عبارة ذاعت شهرتها في كتب الفلسفة حتى يومنا هذا – ألا وهي العبارة التي تقول: “إما أن التفلسف ضروري، ولا بد عندئذٍ من التفلسف، وإما أنه غير ضروري، ولا بد أيضاً من التفلسف لإثبات عدم ضرورته، وفي الحالتين ينبغي التفلسف”. لكن الكتاب ظل أكثر من ثلاثة وعشرين قرناً في عداد المفقودات، وبقي الأمر على هذه الحال منذ النصف الأخير من القرن الرابع قبل الميلاد حتى النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حين نشر عالم ألماني كتاباً عن محاورات أرسطو، طرح فيه السؤال عن مضمون الكتاب الضائع وهدفه.”
ويتابع أرسطو طريقته في الحجاج دفاعاً عن الفلسفة فيبين أن السعادة البشرية تقوم على فاعلية العقل، وأن التفلسف هو غاية الحياة الإنسانية بحكم طبيعتها نفسها، وأن هذه الحياة التي يهبها صاحبها للعقل هي أسمى لذة وأرقى فرح ممكن، لأن فاعلية العقل هي الخير الوحيد الذي لا يتوقف على غيره ولا يتطلب أي شروط خارجية. وهكذا تنتهي هذه الحجج إلى الفقرة الأخيرة التي ترتفع فيها موجة التحمس حتى تبلغ أسمى قمة. إن الفلسفة تعلو بالإنسان فوق الأرض وفوق الفناء، وتتيح له المشاركة في الخلود والألوهية، بل تجعله أشبه بإله بين بقية مخلوقات الله.
هذه هي جملة الأفكار الأساسية في الكتاب، وهي تعبر بلا شك عن دفاع مخلص عن الفلسفة، يوشك في مفهومنا الحديث أن يكون نوعاً من الدعاية الأدبية الفلسفية. ولا بد أن القارئ قد أحس نغمته الخطابية التي تعلو في أجزائه إلى حد الصخب الذي يخفّت فيه صوت المنطق! ولكن هذا الصوت المرتفع في بعض الأحيان لا يستطيع أن يخفي دفء العاطفة التي تسري فيه وتجعله شهادة اعتراف صادقة سجل فيها الفيلسوف مثله الأعلى في الحياة. ومع أن أسلوب الكتاب يشف عن روح الشباب ويختلف اختلافاً واضحاً عن أسلوب الكتب التعليمية المتأخرة الذي يتميز بالموضوعية والجفاف، فإنه مع ذلك يعكس تفكير رجل ناضج ويدل على خبرته بالحياة والناس وقدرته على الحجاج والإقناع. ولعل التحليل المتأني لمضمون الكتاب يؤكد هذا الإحساس ويمهد للإجابة عن السؤال الذي يطوف في أذهاننا عن زمن تأليفه وموقعه من كتابات المعلم الأول وتطوره العقلي والروحي.
