مرحبا بكم في موقع مكتبة الكويت ( المكتبة هي معبد المعرفة ومنارة الفكر بين رفوعها تتقاطع الافكار وتتلاقي العصور ) الحجز والاقتراحات واتساب 50300046 الشحن الي جميع المناطق ...
الدولة الشريرة متوفر
التصنيف : سياسة
دار النشر : دار الذاكرة
ويليام بلوم
الدولة الشريرة، أو الدولة المارقة، هما عنوانان لكتاب واحد للمؤلف الأميركي وليم بلوم، وكان موظفاً كبيراً في الخارجية الأميركية، حين أصدر كتابه هذا لاقى صدى مهماً في عواصم العالم كله، وفيه يتحدث عن إساءات السياسة الأمريكية للعالم، ومحاولة فرض ثقافتها وكلما تريده على الدول بالنزعة العسكرية، أو الغزو الثقافي. ألم يقل أحد رؤساء أميركا: إن قدرنا أمركة العالم؟ ولكن كيف يؤمركون، وما الأدوات التي يعملون من خلالها على ذلك. قبل الحديث عن الدولة المارقة، نشير إلى أن الراحل عبد الوهاب المسيري كان قد أطلق على مثل هذه المشاريع الغربية (الحداثة السائلة أو المائعة)، وانتقل إلى تعريف مصطلح أمركة العالم، فهو يرى أن (الأمركة) مصطلح خلافي داخل المعجم السياسي العربي والغربي، من دون أن يتم تعريفه بالرغم من شيوعه. وسأحاول أن أبذل محاولة مبدئية في تعريفه وتوضيح بعض تضميناته الفلسفية. والأمركة في تصوري- والكلام للمسيري- هي محاولة صبغ أي مجتمع أو فرد بالصبغة الأميركية وإشاعة نمط الحياة الأميركية، ويوجد مصطلح طريف قريب منه للغاية هو مصطلح “الكوكلة” أو “الكوكاكوليزيشن”، والكوكاكولا هي رمز نمط الحياة الأميركية وانتشارها وتدويلها. تنطلق الرؤية الغربية من أن العالم في جوهره مادة، وأن ما يحكمها هو قانون الحركة المادية، وأن ما هو غير مادي ليس بجوهري ولا يمكن أن يؤخذ في الاعتبار حينما ندير شؤون دنيانا ومجتمعنا، وأنه لا يوجد شيء ثابت في الكون بما في ذلك الطبيعة البشرية. وقال أحدهم: إن الأمر ليس كوكلة وحسب، وإنما هي كوكاكولونيالية، بدلاً من “كولونيالية” أي أن الكوكلة هي الاستعمار في عصر الاستهلاكية العالمية، وهى استعمار لا يلجأ للقسر وإنما للإغواء. كما كتب أحد علماء الاجتماع كتاباً بعنوان “”مكدلة العالم” (نسبة إلى ماكدونالدز) الذي يصبح هنا رمز الأمركة بدلاً من الكوكاكولا. والمجال الدلالي لكلمة “أمركة” (أو “كوكلة” أو “مكدلة”) يتداخل مع كلمة “تغريب” و”علمنة” باعتبار أن العلمنة الشاملة ليست مجرد فصل الدين عن الدولة وبعض مجالات الحياة العامة، وإنما هي عملية فصل كل القيم والثوابت والمطلقات (باعتبارها شكلاً من أشكال الميتافيزيقا) عن العالم والطبيعة وحياة الإنسان العامة ثم الخاصة، إذ يتحول العالم بأسره إلى مادة استعمالية لا قداسة لها ولا خصوصية ولا مرجعية لها سوى المرجعية الكامنة في المادة، أي ما يسمى بقوانين الحركة، (آليات السوق- المنفعة المادية- شهوة السلطة- الجنس- علاقات الإنتاج). وانتشار الأمركة في العالم هو تعبير عن هذا الانتقال من مرحلة الخصوصية إلى مرحلة العمومية في المجتمعات القومية العلمانية، وهو ما نشير إليه بالانتقال من مرحلة الصلابة إلى مرحلة السيولة، ومن الحداثة إلى ما بعد الحداثة.